[center]حكم ممارسة الفتاة للرياضة
ممارسة الفتاة للرياضة
ممارسة الفتاة للرياضة
س: ما حكم ممارسة الفتاة للرياضة، وما ضوابط ذلك؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله الطاهرين وبعد:
الأصل في ممارسة المرأة للرياضة الإباحة. والمباح ينتقل إلى الندب بالنية. فإذا نوت المرأة برياضتها التقوي على طاعة الله وتحقيق مفهوم العبودية كأن تمارس المشي والجري للحفاظ على خفتها للقيام بأعمال الصلاة فلها أجر، والجسم القوى أقدر على أداء التكاليف الدينية والدنيوية. وإذا حافظت على رشاقتها لتظهر بمظهر حسن أمام زوجها فلها أجر، إذ أن تزين المرأة لزوجها عبادة.
{انظر: الاختيار لتعليل المختار(4/180)، إرشاد السالك إلى أشرف المسالك(1/319)، الإقناع(4/58)، أخصر المختصرات(1/188)}
قال الشوكاني في نيل الأوطار(8/156) بخصوص المسابقة:"وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك".
فلم يَمنع الإسلام المرأة من حقها في ممارسة الرياضة والترويح عن نفسها ما دام ذلك في أطر الشرع الحنيف، وأن ما يعمد إليه البعض مِن منع تام حتى ولو كان ذلك في الإطار الشرعي، لا يمكن تفسيره إلا أنه مخالفة للسنة النبوية المطهرة؛ فضلا عن إضعاف صحة ولياقة (أمهات المسلمين) وإصابتهن بأمراض قلة الحركة والسمنة وإرهاق القلب، الأمر الذي يترتب عليه خلق جيل مصاب بالوهن والضعف والإعياء.
إن الحركة هي عماد الرياضة وهي تخلص الجسم من الرواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي وتعود البدن الخفة والنشاط وتجعله قابلا للغذاء وتمنع عنه تصلب المفاصل وتقوي الأوتار والأربطة.
وإذا تأملنا أركان الإسلام نجد أن ترديد الشهادة رياضة وتطهير للنفس، والصلاة وأداؤها الحركي رياضة متكاملة لعضلات جسم الإنسان، والحج مشقة بدنية تقوّم جسم الإنسان وتقويه، والطواف بالبيت مع الهرولة وتحريك الكتفين رياضة للبدن، بل إن الصوم فيه رياضة للنفس ورياضة للجهازين الهضمي والدموي.
{انظر: ابن القيم في زاد المعاد(4/225)}
هذا ما أكده خبراء الطب الطبيعي والتربية البدنية أن أداء الفرائض وحركاتها العضلية من شأنها أن تعمل على الحفاظ على النغمة العضلية وتنشيطها، وتعمل على المحافظة على القوام المنتصب للإنسان (رجل كان أم امرأة) بشكل متوازن.
فصحة البدن منهج دعوى، وغاية إسلامية، فكما أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كذلك زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة، ولا يتحقق ذلك إلا بالمحافظة والمداومة على ممارسة الرياضة ذكورا وإناثا.
روى أبو داود:"أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة فسبقته، ثم سابقها بعد ذلك فسبقها"، فقال:"هذه بتلك". وجاء في بعض الروايات:"أن سبقه لها في المرة الثانية كان لثقل جسمها وسمنتها"{أخرجه الحميدي في مسنده وأبو داود والنسائي والطبراني وابن ماجه مختصرا وسنده صحيح كما قال العراقي في "تخريج الإحياء". انظر: آداب الزفاف للألباني(1/204)}.
وعند ممارسة المرأة للرياضة ينبغي مراعاة الضوابط التالية:
أولا ـ أن تتلاءم مع طبيعة المرأة الأنثوية.
خلق الله عز وجل الذكر والأنثى وجعل لكل منهما ميزات وخصائص تتلائم مع وظيفته في هذه الحياة الدنيا. لقد أُعطي الرجل القوام قوة في الجسد وشدة في الروح ليقدر على الكسب والتحمل والقيام بالمهام المناطة به، وأُعطيت المرأة جسدا رقيقا وقلبا ملؤه الحنان والرأفة والشفقة لتحمل وتلد وترعى مملكتها البيتية وليجد الزوج فيها سكنا بعد عناء العمل وشدة الحياة.
لذا على المرأة التي تنوي ممارسة الرياضة أن تختار النوع الذي يتلائم مع أنوثتها الرقيقة كالمشي والجري... أما الألعاب التي صارت علما على الرجال وتحتاج إلى قوة مضاعفة وحركة زائدة لا تتلائم مع أنوثة المرأة ووظيفتها فالأصل اجتنابها، فالرياضات العنيفة قد تفقد المرأة أنوثتها في كثير من جوانبها، وقد لعن الإسلام المرأة المترجلة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"{رواه البخاري}، وقد أورد النووي هذا الحديث في رياض الصالحين تحت باب:"تحريم تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال في لباس وحركةٍ، وغير ذلك".
ثانيا ـ ألا تضر بمن تمارسها.
شرعت الرياضة لتقوية البدن والتخلص من الأخلاط الباقية في الجسد، أما إذا كانت سببا لإدخال الضرر على الجسد والروح فلا يجوز ممارستها. لذا لا بد من مراعاة آداب الرياضة الصحية.
فليس من المحبذ القيام بالتمارين على معدة ممتلئة. لأن الأطعمة المتبقية في المعدة قد تتسبب بعض الآلام واللعيان والتشجنات خلال النشاط الرياضي.
لذا لا بد بالسماح للوجبة بأن تهضم بالكامل قبل التمرين. وهذا غالباً ما يأخذ بين ساعة إلى أربع ساعات، حسب الطعام المتناول والكمية في الوجبة، فالوجبة الكبيرة تحتاج للهضم من 3-4 ساعات، أما الوجبة الصغيرة فمن 1ـ2 ساعة.{موقع على الانترنت، الصحة}
ثالثاـ عدم الاختلاط وألا تكون الممارسة أمام الرجال، كأن تكون في قاعة أو فراغ لا يطلع عليه الرجال، مع الحذر من آلات التصوير.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في بعض أسفاره وأنا جارية، لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس:"تقدموا فتقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: هذه بتلك"{سبق تخريجه}.
قال الشوكاني في نيل الأوطار(8/173):"وفي الحديث دليل على مشروعية المسابقة على الأرجل وبين الرجال والنساء المحارم وإن مثل ذلك لا ينافي الوقار والشرف والعلم والفضل وعلو السن فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوج عائشة إلا بعد الخمسين من عمره".
وينبغي أن تكون ممارسة المرأة للرياضة في مكان خاص نظرا لفساد الزمان وقلة الدين كأن يكون ذلك في بيتها أو قاعة خاصة، والبيت أفضل لا سيما مع توفر المكنات الحديثة التي يمكن أن تدخل كل بيت.
وعلى المسئولين مراعاة جانب الستر في رياضة المرأة، و فتح أندية رياضية خاصة بالنساء في كل محلة وبلدة يحقق الغاية والمقصود، ويغلق الباب أمام الأندية المختلطة التي تريد إخراج المرأة من عفتها.
تنبيه: ننبه الأخوات اللواتي يمارسن رياضة المشي في الأماكن العامة والملاعب والساحات العامة والحقول والأرصفة أن يلتزمن باللباس الشرعي الكامل، فلا يجوز المشي في بنطال وجارزة. وكما يجب الالتزام بالآداب الإسلامية العامة من غض البصر وعدم التكسر ورفع الصوت ونحو ذلك، كما يستحب أن تكون مع محرم أو مجموعة من النساء الثقات.
رابعاـ ستر العورة.
{انظر: رد المحتار(6/232)، الفواكه الدواني(1/371)، الفقه الإسلامي وأدلته(1/664)}
خامساـ عدم وصف شيء من جسد المرأة للآخرين.
سادساـ أن تتناسب مع الغاية التي شرعت لها الرياضة، وألا تكون خطرة.
سابعاـ أن يكون الطاقم المشرف من النساء كالمدرب والحكم والطاقم الطبي والإدارة، فالرياضة تحتاج إلى ليونة وحركات ومعالجة ومتابعة لا يجوز للرجل أن يطلع على المرأة أثناء القيام بها.
ثامناـ ألا يكون في ممارستها للرياضة تضييع لحق بيتها وزوجها وفرائض الدين.
تاسعاـ التحلي بمكارم الأخلاق القولية والفعلية إبان ممارسة الرياضة حفاظاً على المظهر الإسلامي.
عاشراـ الحرص على الاستفادة من النشاط الرياضي سواء كانت الاستفادة جسمية عضلية أو روحية نفسية أو ذهنية عقلية؛ ذلك أن الوقت بالنسبة للمسلم رأس ماله.
أحد عشرـ أن تخلو من القمار والمراهنة المحرمة.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء[/center]